لا أحد جدير بالثقة في هذا الوطن الموبوء بالسفلة والكاذبين
يمنات
ماجد زايد
ليلة أمس عبرت من عدة محافظات يمنية متنازعة ولها سلطات مختلفة، كان العبور سهلًا وبسيطًا وبلا تعقيدات تُذكر، في الطريق تذكرت معاناة السفر قبل كورونا، كان أكثر تعقيدًا منه اليوم، هذا لا يصدق في الحقيقة لكنه واقعًا فعليًا يناقض ما يقولونه يوميًا في التبادلات الإعلامية لجميع الأطراف، لست هنا مع فرض تعقيدات على السفر وعبور المحافظات، لكني إستغرب حقًا من حالة التناقض بين الكيفية الحاصلة في الواقع مع وسائل المعلومات والتواصل الإجتماعي للناس، المعلومات التي يبني الناس من خلالها قراراتهم ومخططاتهم وقناعاتهم.
قبل كورونا كان الخطاب الإعلامي لمعظم الأبواق المتحاربة يتحدث عن سهولة التتقلات والسفر والعبور، لكنه في الولقع مخيف ومهين ويتعامل مع البشر والشباب خصوصًا بشكل بشع يتعارض مع الطبيعة البشرية في مستوياتها الدنيا، وفي زمن الطاعون الخبيث صارت التنقلات أكثر سلاسة وسهولة وتبسيط، بعكس ماهي عليه في الأبواق والإعلام المتحدث عن الإجراءات الصارمة والخطوات الحاسمة، هذه التناقضات المحلية على وجه التحديد تذكرني بخطاب المتحالفين للحرب على اليمن حينما إعلنوا ذلك اليوم إنهاء الحرب على اليمن وبدء هدنه غير مزمنة، في ذات اللحظة إمتلأت السماء الشرقية للوطن بعشرات الطائرات الحربية والغارات المتتالية، كانوا يومها يقصفون بكامل هدنتهم الإنسانية، بعدها بأسبوعين فقط ظهر أحدهم بوجهه المزيف معلنًا تمديد إيقاف الحرب في اليمن، في ذات الوقت بالتحديد زادوا من طلعاتهم وسلاحهم وصواريخهم العابرات على رؤسنا، هذا التناقض هو الأصل في ساحة اليمن الإعلامية والسياسية، يقدمون لنا في الواجهة إمنياتنا وأحلامنا، وفي الواقع يرتكبون طموحاتهم وكراهيتهم ومخططاتهم علينا.
لا أحد سينجو منا جميعًا لو بقينا دائمًا في خانة اللآحركة، مجرد متلقين أغبياء نتعاطى مع ما يريدونه منا بلا تفكير.
أنا هنا أطمئن الناس والمترددين والخائفين من فكرة السفر والعودة للأهل والأبناء بسبب تعقيدات كورونا، ليس الأمر بتلك الخطورة والتهويل، في نقاط التفتيش المركزية التابعة لسلطة صنعاء فرضوا علينا إجراء فحص سريع لدرجة الحرارة، كان الأمر أبسط مما توقعت، لم تتجاوز حرارتي الـ 29 درجة مئوية وهي دون المستوى الطبيعي لدرجة الحرارة، إبتسم الشاب الصغير نحوي وهو لا يقتنع بصدقية ما يقوم به قائلًا: “سليم” اللي بعده يالله.
ليس مهمًا بالنسبة ليّ جدوى الفحص ومستوى كفاءته بقدر ما أريد العودة الى بيتي وحياتي، لا أحد في الحقيقة يملك القدرة على التحقق الفعلي من الإصابات ومطابقتها للشروط في حكوماتنا الأربع، صنعاء وعدن ومأرب وشبوة، الجميع لا يملكون أكثر من نقاط تفتيش منتشرة كالجراد في خريطة سوداء من اليأس والمطبات والحفريات.
هؤلاء لا يملكون أكثر من الخيبة التي تصيبهم دائمًا، نحن من نملك مصيرنا ووقايتنا وحرصتنا وماهيّة ما سنكون عليه بعدها..
لا تثقوا بأحد عدا تجاربكم الشخصية، لا أحد جدير بالثقة في هذا الوطن الموبوء بالسفلة والكاذبين.. وصدقوني:
عودوا الى بيوتكم وعائلاتكم، كونوا معهم في زمن الخوف والحرب والمرض.
عودوا إلى إبناءكم في العيد، موتوا معهم إذا إقتضى المصير..
لا تتركوا أنفسكم في خانة الخوف والتردد..
ستموتون حتمًا، لكنكم ستموتون جبناء.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.